بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام حفظكم الله
في هذه الأيام تبث قناة الكوثر (الشيعية) مسلسلاً يتحدث عن النبي يوسف عليه السلام وفي هذا المسلسل جملة من المنكرات ومنها تمثيل النبي يوسف وكذا يعقوب عليهما السلام، وجبريل عليه السلام.
فما حكم الشرع في هذا؟ ولكم جزيل الشكر.
الإجابة:
الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:
فمعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الله فضل الأنبياء والرسل على سائر عباده المؤمنين وأولياءه المقربين بالبعثة والرسالة إلى أقوامهم وأيدهم بالمعجزات وعصمهم من الكبائر والمنكرات وجعل المساس بهم بأي أذى أعظم من المساس بأتباعهم وخلفائهم قال تعالى: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهينا} [الأحزاب: ٥7] فحكم سبحانه على مؤذي رسولنا باللعن في الدنيا والآخرة، وتوعده بالعذاب المهين والجزاء من جنس العمل، فإن المؤذي لنبينا مستهين به ومستخف به، فكان العذاب المهين جزاء هذا العمل وهكذا الحكم في سائر الأنبياء والرسل لأن حرمتهم مثل حرمة نبينا.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن كذباً علي ليس ككذب على أحد، فمن كذب عليّ متعمداَ فليتبوأ مقعده من النار» رواه البخاري ومسلم، وهكذا من كذب على سائر الأنبياء والرسل.
ألا وإن من المؤاذاة للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام تمثيلهم، لأن التمثيل لهم ينافي تعظيمهم وتوقيرهم وإجلالهم قال الله: {لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا} [الفتح: ٩] وهكذا يجب تعظيم سائر الأنبياء، فإن تعظيمهم من تعظيم الله، وحقهم تابع لحق الله، وتمثيل الأنبياء ظهر في عصرنا على أيدي شرذمة من اليهود والنصارى،ومعلوم أن اليهود والنصارى قد أساؤوا إلى أنبياء الله ورسله بإساءات كثيرة، قديماً وحديثاً إساءات اليهود أكثر وأقدم وأمكن، وحصل مؤخراً أن تلقف تمثيل الأنبياء والرسل شذاذ من المنتسبين إلى الإسلام فحاولوا القيام بذلك، فما أن علم أهل العلم بهذا إلا وقاموا بما أوجب الله عليهم من بيان الحكم الشرعي على التمثيل المذكور، ومن ذلك:
أنه لما تم توقيع عقد بين الشركة العربية للإنتاج السينمائي العالمي وممثلي بعض الحكومات العربية على إخراج فيلم بعنون (محمد رسول الله) تصدى لذلك هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، فأصدروا قراراً بتحريم إظهار هذا الفيلم، مع بيان بعض المفاسد في ذلك، كما أفتت بحرمة هذا العمل. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وقبل فتوى هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة أفتى مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة على عدم جواز ذلك، كما قام المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بتحريم العمل المذكور، وصدر أيضاً قراراً من المنظمات العالمية الإسلامية يستنكر استنكاراً شديداً لمحاولة إخراج هذا الفيلم.
فهذا إجماع من علماء المسلمين على تحريم تمثيل رسولنا عليه الصلاة والسلام، وهو شامل لتحريم تمثيل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، فإن وُجد من يخالف هذا فلا عبرة بقوله، ولا مجال لقبوله.
وكل من ذكرنا فتواهم وقراراتهم آنفاً ينصون فيها على تحريم تمثيل الصحابة، وبعضهم يزيد قرابة الأنبياء والرسل، فيكون تمثيل الصحابة وآل بيت النبوة أمراً مجمعاً على تحريمه، فليُعلم هذا.
ومبنى هذا التحريم على ما عُلم من المفاسد في التمثيل المذكور، فإنه يشتمل على مفاسد كثيرة ومنها:
·المخالفة لحكمة الله في منع شياطين الجن من التمثل بالرسول عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في الحديث المتواتر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي»
فالحكمة في هذا المنع صيانة شخصية رسولنا عليه الصلاة والسلام من أن تكون محل عبث ولعب وغير ذلك.
فالممثلون له منتهكون لهذه الحكمة العظيمة.
·أن التمثيل للأنبياء والرسل كذب عليهم في شخصياتهم وأفعالهم وأقوالهم، لأن الممثل تقمص شخصية النبي الكريم، وقام بحركات قولية وفعلية زاعماً أنها حركات للنبي المُمَثل به وهذا كذب لأن الشخصية والحركات هي للممثل، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن محاكاة الشخص (وهي الفعل مثل فعله والقول مثل قوله) كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: ذهبت أحكي امرأة أو رجلاً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: (ما أحب أني حكيت أحداً وأن لي كذا وكذا أعظم ذلك)
فكيف بمن يتقمص شخصية النبي بحيث يرى المشاهدين أن هذا هو النبي الفلاني، ألا ساء ما يفعلون!!
·ومنها أن التمثيل هذا فيه تنقص للأنبياء والرسل واستخفاف بهم، حيث يظهرهم الممثلون بمظاهر لا تليق بهم: من اختلاطهم بالنساء غير المحارم وسيرهم على عادات وتقاليد الناس في الزواج غير ذلك كما ظهر ذلك جلياً في مسلسل (يوسف الصديق) في قناة الكوثر الإيرانية.
فلما كان التمثيل مشتملاً على الاستخفاف والتنقّص للأنبياء والرسل لم يكن صادراً إلا من كفار، أو ممن يتشبه بهم، ويقلدهم من منافقي المسلمين وسقطهم، فكيف لو كان هؤلاء السقط أجراء لجهات حاقدة على الأنبياء والرسل كالماسونية وغيرها! وكيف إذا كانوا متاجرين بهذا التمثيل! أيتاجر بأنبياء الله ورسله؟!! قاتلهم الله أنى يؤفكون.
·ومنها أن التمثيل المذكور يفتح أبواباً من طعن في الأنيباء عند بعض المشاهدين والسخرية منهم وبعضهم يتندر بهم على جهة الجد أو المزاح واللعب وكل هذا منذر بشر عظيم قال تعالى:{ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءايته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}[ التوبة: ٦٥ – ٦6]
فلم يعذر الله من وقع في شيء من الخوض في حق نبيه بطريق المزاح واللعب، فالممثلون لا يخرجون عن أن يكونوا في تمثيلهم للأنبياء والرسل ما بين جاد ولاعب، وهكذا بعض المشاهدين.
فليتنبه الممثلون والمشاهدون لعواقب فعلهم هذا.
·حصول الغلو في بعض الأنبياء والرسل، كتمثيل بعض الممثلين لعيسى ابن مريم لغرض الغلو فيه بإظهاره بمظهر الربوبية، ومعلوم أن الإسلام حرم تصوير ا لأنبياء والصالحين حتى لا يُتخذوا آلهة يُعبدون من دون الله.
إلى غير ذلك من المفاسد..!!
ومن المعلوم أن القاعدة الشرعية في التحريم عند أهل العلم أن الشريعة لم تحرم شيئاً إلا لما فيه من الضرر المحض، أو لما فيه من الضرر الغالب.
وقد بان بهذا الإيضاح عظيم الضرر والفساد في العقيدة والعبادة وفي الدين والدنيا بسبب هذا التمثيل.
ألا وليعلم المسلمون أن انتهاك حرمة الأنبياء والرسل انتهاك لحرمة أتباعهم وخلفائهم لأن المنتهك لحرمتهم يسهل عليه الطعن في أتباعهم بقوله: (أنتم تعظمون الأنبياء وتحذرون من المساس بهم وتتبعونهم وفيهم وفيهم من أمور التنقص والعيب)
فعلى الأمة الإسلامية كافة أن تقوم بواجبها الشرعي في الذب عن الأنبياء والمحافظة على مكانتهم والوقوف ضد من يتعرض لهم بشيء من الإيذاء خصوصاً في هذا العصر الذي ظهر فيه الإلحاد واستطار شره في عالم المسلمين، وانتشاره في بعض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وغيرها، فإن تساهل الأمة فيما ذكرنا يسبب ازدياد القدح والطعن فيهم، وليس للأمة أن تتنازل عن موطن الدفاع عن جميع الأنبياء والمرسلين، كلٌ حسب قدرته واستطاعته.
وعلى حكام المسلمين الواجب الأكبر في الدفاع عن الأنبياء والرسل، وعن الصحابة والقرابة، وعليهم أن يحيوا الدفاع التي كان عليها ولاة الأمر من أسلافهم.
وعلى ما سبق بيانه في ذكر مفاسد تمثيل الأنبياء والرسل، وذكر إجماع أهل العلم على تحريمه يتحتم على المسلمين سد أبواب الذرائع الموصلة إلى الإعانة للممثلين والقبول لتمثيلهم، أو السكوت عنهم، فما هو حاصل الآن في قناة الكوثر الإيرانية من عرض تمثيل النبي يوسف ويعقوب عليهما السلام وتمثيل جبريل عليه السلام أمر لا يقرّه شرع ولا عقل.
فالواجب على المسلمين منابذة هذه القنوات والتحذير منها ودعوة القائمين عليها إلى التوبة إلى الله، بإلغاء هذه الأفلام وما كان على شاكلتها من أفلام تمثيل الصحابة وغيرهم.
تنبيه: لا يجوز تمثيل الملائكة، لأنها من عالم الغيب، فإذا كانت حرمة التمثيل واردة في حق الأنبياء، فهي واردة في حق الملائكة من باب أولى، فما أعظمها من جرأة على ما ليس بالإمكان، وهكذا تمثيل الجن، فالممثلون هؤلاء جمعوا بين الجهل وبين الجرأة وبين السقاطة.
فليربأوا بأنفسهم عن هذه المزالق الخطيرة والانحرافات المستطيرة.
وليصلحوا ما بينهم وبين الله بالتوبة إليه والإنابة والرجوع والخضوع ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكل من ذكرنا فتواهم وقراراتهم آنفاً ينصون فيها على تحريم تمثيل الصحابة، وبعضهم يزيد قرابة الأنبياء والرسل، فيكون تمثيل الصحابة وآل بيت النبوة أمراً مجمعاً على تحريمه، فليُعلم هذا.
ومبنى هذا التحريم على ما عُلم من المفاسد في التمثيل المذكور، فإنه يشتمل على مفاسد كثيرة ومنها:
·المخالفة لحكمة الله في منع شياطين الجن من التمثل بالرسول عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في الحديث المتواتر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي»
فالحكمة في هذا المنع صيانة شخصية رسولنا عليه الصلاة والسلام من أن تكون محل عبث ولعب وغير ذلك.
فالممثلون له منتهكون لهذه الحكمة العظيمة.
·أن التمثيل للأنبياء والرسل كذب عليهم في شخصياتهم وأفعالهم وأقوالهم، لأن الممثل تقمص شخصية النبي الكريم، وقام بحركات قولية وفعلية زاعماً أنها حركات للنبي المُمَثل به وهذا كذب لأن الشخصية والحركات هي للممثل، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن محاكاة الشخص (وهي الفعل مثل فعله والقول مثل قوله) كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: ذهبت أحكي امرأة أو رجلاً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: (ما أحب أني حكيت أحداً وأن لي كذا وكذا أعظم ذلك)
فكيف بمن يتقمص شخصية النبي بحيث يرى المشاهدين أن هذا هو النبي الفلاني، ألا ساء ما يفعلون!!
·ومنها أن التمثيل هذا فيه تنقص للأنبياء والرسل واستخفاف بهم، حيث يظهرهم الممثلون بمظاهر لا تليق بهم: من اختلاطهم بالنساء غير المحارم وسيرهم على عادات وتقاليد الناس في الزواج غير ذلك كما ظهر ذلك جلياً في مسلسل (يوسف الصديق) في قناة الكوثر الإيرانية.
فلما كان التمثيل مشتملاً على الاستخفاف والتنقّص للأنبياء والرسل لم يكن صادراً إلا من كفار، أو ممن يتشبه بهم، ويقلدهم من منافقي المسلمين وسقطهم، فكيف لو كان هؤلاء السقط أجراء لجهات حاقدة على الأنبياء والرسل كالماسونية وغيرها! وكيف إذا كانوا متاجرين بهذا التمثيل! أيتاجر بأنبياء الله ورسله؟!! قاتلهم الله أنى يؤفكون.
·ومنها أن التمثيل المذكور يفتح أبواباً من طعن في الأنيباء عند بعض المشاهدين والسخرية منهم وبعضهم يتندر بهم على جهة الجد أو المزاح واللعب وكل هذا منذر بشر عظيم قال تعالى:{ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءايته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}[ التوبة: ٦٥ – ٦6]
فلم يعذر الله من وقع في شيء من الخوض في حق نبيه بطريق المزاح واللعب، فالممثلون لا يخرجون عن أن يكونوا في تمثيلهم للأنبياء والرسل ما بين جاد ولاعب، وهكذا بعض المشاهدين.
فليتنبه الممثلون والمشاهدون لعواقب فعلهم هذا.
·حصول الغلو في بعض الأنبياء والرسل، كتمثيل بعض الممثلين لعيسى ابن مريم لغرض الغلو فيه بإظهاره بمظهر الربوبية، ومعلوم أن الإسلام حرم تصوير ا لأنبياء والصالحين حتى لا يُتخذوا آلهة يُعبدون من دون الله.
إلى غير ذلك من المفاسد..!!
ومن المعلوم أن القاعدة الشرعية في التحريم عند أهل العلم أن الشريعة لم تحرم شيئاً إلا لما فيه من الضرر المحض، أو لما فيه من الضرر الغالب.
وقد بان بهذا الإيضاح عظيم الضرر والفساد في العقيدة والعبادة وفي الدين والدنيا بسبب هذا التمثيل.
ألا وليعلم المسلمون أن انتهاك حرمة الأنبياء والرسل انتهاك لحرمة أتباعهم وخلفائهم لأن المنتهك لحرمتهم يسهل عليه الطعن في أتباعهم بقوله: (أنتم تعظمون الأنبياء وتحذرون من المساس بهم وتتبعونهم وفيهم وفيهم من أمور التنقص والعيب)
فعلى الأمة الإسلامية كافة أن تقوم بواجبها الشرعي في الذب عن الأنبياء والمحافظة على مكانتهم والوقوف ضد من يتعرض لهم بشيء من الإيذاء خصوصاً في هذا العصر الذي ظهر فيه الإلحاد واستطار شره في عالم المسلمين، وانتشاره في بعض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وغيرها، فإن تساهل الأمة فيما ذكرنا يسبب ازدياد القدح والطعن فيهم، وليس للأمة أن تتنازل عن موطن الدفاع عن جميع الأنبياء والمرسلين، كلٌ حسب قدرته واستطاعته.
وعلى حكام المسلمين الواجب الأكبر في الدفاع عن الأنبياء والرسل، وعن الصحابة والقرابة، وعليهم أن يحيوا الدفاع التي كان عليها ولاة الأمر من أسلافهم.
وعلى ما سبق بيانه في ذكر مفاسد تمثيل الأنبياء والرسل، وذكر إجماع أهل العلم على تحريمه يتحتم على المسلمين سد أبواب الذرائع الموصلة إلى الإعانة للممثلين والقبول لتمثيلهم، أو السكوت عنهم، فما هو حاصل الآن في قناة الكوثر الإيرانية من عرض تمثيل النبي يوسف ويعقوب عليهما السلام وتمثيل جبريل عليه السلام أمر لا يقرّه شرع ولا عقل.
فالواجب على المسلمين منابذة هذه القنوات والتحذير منها ودعوة القائمين عليها إلى التوبة إلى الله، بإلغاء هذه الأفلام وما كان على شاكلتها من أفلام تمثيل الصحابة وغيرهم.
تنبيه: لا يجوز تمثيل الملائكة، لأنها من عالم الغيب، فإذا كانت حرمة التمثيل واردة في حق الأنبياء، فهي واردة في حق الملائكة من باب أولى، فما أعظمها من جرأة على ما ليس بالإمكان، وهكذا تمثيل الجن، فالممثلون هؤلاء جمعوا بين الجهل وبين الجرأة وبين السقاطة.
فليربأوا بأنفسهم عن هذه المزالق الخطيرة والانحرافات المستطيرة.
وليصلحوا ما بينهم وبين الله بالتوبة إليه والإنابة والرجوع والخضوع ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وكل من ذكرنا فتواهم وقراراتهم آنفاً ينصون فيها على تحريم تمثيل الصحابة، وبعضهم يزيد قرابة الأنبياء والرسل، فيكون تمثيل الصحابة وآل بيت النبوة أمراً مجمعاً على تحريمه، فليُعلم هذا.
ومبنى هذا التحريم على ما عُلم من المفاسد في التمثيل المذكور، فإنه يشتمل على مفاسد كثيرة ومنها:
·المخالفة لحكمة الله في منع شياطين الجن من التمثل بالرسول عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في الحديث المتواتر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي»
فالحكمة في هذا المنع صيانة شخصية رسولنا عليه الصلاة والسلام من أن تكون محل عبث ولعب وغير ذلك.
فالممثلون له منتهكون لهذه الحكمة العظيمة.
·أن التمثيل للأنبياء والرسل كذب عليهم في شخصياتهم وأفعالهم وأقوالهم، لأن الممثل تقمص شخصية النبي الكريم، وقام بحركات قولية وفعلية زاعماً أنها حركات للنبي المُمَثل به وهذا كذب لأن الشخصية والحركات هي للممثل، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن محاكاة الشخص (وهي الفعل مثل فعله والقول مثل قوله) كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: ذهبت أحكي امرأة أو رجلاً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: (ما أحب أني حكيت أحداً وأن لي كذا وكذا أعظم ذلك)
فكيف بمن يتقمص شخصية النبي بحيث يرى المشاهدين أن هذا هو النبي الفلاني، ألا ساء ما يفعلون!!
·ومنها أن التمثيل هذا فيه تنقص للأنبياء والرسل واستخفاف بهم، حيث يظهرهم الممثلون بمظاهر لا تليق بهم: من اختلاطهم بالنساء غير المحارم وسيرهم على عادات وتقاليد الناس في الزواج غير ذلك كما ظهر ذلك جلياً في مسلسل (يوسف الصديق) في قناة الكوثر الإيرانية.
فلما كان التمثيل مشتملاً على الاستخفاف والتنقّص للأنبياء والرسل لم يكن صادراً إلا من كفار، أو ممن يتشبه بهم، ويقلدهم من منافقي المسلمين وسقطهم، فكيف لو كان هؤلاء السقط أجراء لجهات حاقدة على الأنبياء والرسل كالماسونية وغيرها! وكيف إذا كانوا متاجرين بهذا التمثيل! أيتاجر بأنبياء الله ورسله؟!! قاتلهم الله أنى يؤفكون.
·ومنها أن التمثيل المذكور يفتح أبواباً من طعن في الأنيباء عند بعض المشاهدين والسخرية منهم وبعضهم يتندر بهم على جهة الجد أو المزاح واللعب وكل هذا منذر بشر عظيم قال تعالى:{ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءايته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}[ التوبة: ٦٥ – ٦6]
فلم يعذر الله من وقع في شيء من الخوض في حق نبيه بطريق المزاح واللعب، فالممثلون لا يخرجون عن أن يكونوا في تمثيلهم للأنبياء والرسل ما بين جاد ولاعب، وهكذا بعض المشاهدين.
فليتنبه الممثلون والمشاهدون لعواقب فعلهم هذا.
·حصول الغلو في بعض الأنبياء والرسل، كتمثيل بعض الممثلين لعيسى ابن مريم لغرض الغلو فيه بإظهاره بمظهر الربوبية، ومعلوم أن الإسلام حرم تصوير ا لأنبياء والصالحين حتى لا يُتخذوا آلهة يُعبدون من دون الله.
إلى غير ذلك من المفاسد..!!
ومن المعلوم أن القاعدة الشرعية في التحريم عند أهل العلم أن الشريعة لم تحرم شيئاً إلا لما فيه من الضرر المحض، أو لما فيه من الضرر الغالب.
وقد بان بهذا الإيضاح عظيم الضرر والفساد في العقيدة والعبادة وفي الدين والدنيا بسبب هذا التمثيل.
ألا وليعلم المسلمون أن انتهاك حرمة الأنبياء والرسل انتهاك لحرمة أتباعهم وخلفائهم لأن المنتهك لحرمتهم يسهل عليه الطعن في أتباعهم بقوله: (أنتم تعظمون الأنبياء وتحذرون من المساس بهم وتتبعونهم وفيهم وفيهم من أمور التنقص والعيب)
فعلى الأمة الإسلامية كافة أن تقوم بواجبها الشرعي في الذب عن الأنبياء والمحافظة على مكانتهم والوقوف ضد من يتعرض لهم بشيء من الإيذاء خصوصاً في هذا العصر الذي ظهر فيه الإلحاد واستطار شره في عالم المسلمين، وانتشاره في بعض وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وغيرها، فإن تساهل الأمة فيما ذكرنا يسبب ازدياد القدح والطعن فيهم، وليس للأمة أن تتنازل عن موطن الدفاع عن جميع الأنبياء والمرسلين، كلٌ حسب قدرته واستطاعته.
وعلى حكام المسلمين الواجب الأكبر في الدفاع عن الأنبياء والرسل، وعن الصحابة والقرابة، وعليهم أن يحيوا الدفاع التي كان عليها ولاة الأمر من أسلافهم.
وعلى ما سبق بيانه في ذكر مفاسد تمثيل الأنبياء والرسل، وذكر إجماع أهل العلم على تحريمه يتحتم على المسلمين سد أبواب الذرائع الموصلة إلى الإعانة للممثلين والقبول لتمثيلهم، أو السكوت عنهم، فما هو حاصل الآن في قناة الكوثر الإيرانية من عرض تمثيل النبي يوسف ويعقوب عليهما السلام وتمثيل جبريل عليه السلام أمر لا يقرّه شرع ولا عقل.
فالواجب على المسلمين منابذة هذه القنوات والتحذير منها ودعوة القائمين عليها إلى التوبة إلى الله، بإلغاء هذه الأفلام وما كان على شاكلتها من أفلام تمثيل الصحابة وغيرهم.
تنبيه: لا يجوز تمثيل الملائكة، لأنها من عالم الغيب، فإذا كانت حرمة التمثيل واردة في حق الأنبياء، فهي واردة في حق الملائكة من باب أولى، فما أعظمها من جرأة على ما ليس بالإمكان، وهكذا تمثيل الجن، فالممثلون هؤلاء جمعوا بين الجهل وبين الجرأة وبين السقاطة.
فليربأوا بأنفسهم عن هذه المزالق الخطيرة والانحرافات المستطيرة.
وليصلحوا ما بينهم وبين الله بالتوبة إليه والإنابة والرجوع والخضوع ولا حول ولا قوة إلا بالله.